فصل: هلاك المبيع قبل القبض وبعده:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.هلاك المبيع قبل القبض وبعده:

1- إذا هلك البيع كله أو بعضه قبل القبض بفعل المشتري، فإن البيع لا ينفسخ، ويبقى العقد كما هو، وعليه أن يدفع الثمن كله لأنه هو المتسبب في الهلاك.
2- وإذا هلك بفعل أجنبي فإن المشتري بالخيار بين الرجوع على هذا الاجنبي وبين فسخ العقد.
3- ويفسخ البيع إذا هلك المبيع كله قبل القبض بفعل البائع أو بفعل المبيع نفسه أو بآفة سماوية.
4- فإذا هلك بعض المبيع بفعل البائع سقط عن المشتري من الثمن بقدر الجزء الهالك.
ويخير في الباقي بأخذه بحصته من الثمن.
5- أما إذا كان هلاك بعض المبيع بفعل نفسه فإنه لا يسقط شيء من ثمنه، والمشتري مخير بين فسخ العقد وبين أن يأخذ ما بقي بجميع الثمن.
6- وإذا كان الهلاك بآفة سماوية ترتب عليها نقصان قدره، فيسقط من الثمن بقدر النقصان الحادث، ثم يكون المشتري بالخيار بين فسخ العقد وبين أخذ الباقي بحصته من الثمن.
هلاك المبيع بعد القبض:
إذا هلك المبيع بعد القبض كان من ضمان المشتري.
ويلزم بثمنه إن لم يكن فيه خيار للبائع، وإلا فيلزم بالقيمة أو المثل.

.الإجارة:


.تعريفها:

الاجارة مشتقة من الاجر وهو العوض، ومنه سمي الثواب أجرا.
وفي الشرع: عقد على المنافع بعوض، فلا يصح استئجار الشجر من أجل الانتفاع بالثمر، لأن الشجر ليس منفعة، ولا استئجار النقدين، ولا الطعام للاكل، ولا المكيل والموزون لأنه لا ينتفع بها إلا باستهلاك أعيانها.
وكذلك لا يصح استئجار بقرة أو شاة أو ناقة لحلب لبنها لأن الاجارة تملك المنافع، وفي هذه الحال تملك اللبن وهو عين.
والعقد يرد على المنفعة لا للعين...والمنفعة قد تكون منفعة عين، كسكنى الدار، أو ركوب السيارة وقد تكون منفعة عمل، مثل عمل المهندس والبناء والنساج والصباغ والخياط والكواء، وقد تكون منفعة الشخص الذي يبذل جهده، مثل الخدم والعمال...والمالك الذي يؤجر المنفعة يسمى: مؤجرا. والطرف الاخر الذي يبذل الاجر يسمى: مستأجرا.
والشئ المعقود عليه المنفعة يسمى: مأجورا. والبذل المبذول في مقابل المنفعة يسمى: أجرا وأجرة. ومتى صح عقد الاجارة ثبت للمستأجر ملك المنفعة. وثبت للمؤجر ملك الاجرة، لأنها عقد معاوضة.

.مشروعيتها:

الإجارة مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع.
يقول الله سبحانه وتعالى:
1- {أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون}.
ويقول جل شأنه:
2- {وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير}.
ويقول عزوجل:
3- {قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجر ني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين}.
وجاء في السنة ما يأتي:
1- روى البخاري أن النبي، صلى الله عليه وسلم، استأجر رجلا من بني الديل يقال له: عبد الله بن الاريقط وكان هاديا خريتا أي ماهرا.
2- وروى ابن ماجه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «أعطوا الاجير أجره قبل أن يجف عرقه».
3- وروى أحمد وأبو داود والنسائي عن سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، قال: «كنا نكري الأرض بما على السواقي من الزرع».
فنهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك وأمرنا أن نكريها يذهب أو ورق.
4- وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن النبي، صلى الله عليه وسلم،: «احتجم وأعطى الحجام أجره».
وعلى مشروعية الاجارة أجمعت الأمة، ولا عبرة بمن خالف هذا الاجماع من العلماء.

.حكمة مشروعيتها:

وقد شرعت الاجارة لحاجة الناس إليها، فهم يحتاجون إلى الدور للسكنى، ويحتاج بعضهم لخدمة بعض، ويحتاجون إلى الدواب للركوب والحمل، ويحتاجون إلى الأرض للزراعة، وإلى الالات لا ستعمالها في حوائجهم المعاشية.

.ركنها:

والاجارة تنعقد بالايجاب والقبول بلفظ الاجارة والكراء وما اشتق منهما، وبكل لفظ يدل عليها.

.شروط العاقدين:

ويشترط في كل من العاقدين الأهلية بأن يكون كل منهما عاقلا مميزا، فلو كان أحدهما مجنونا أو صبيا غير مميز فإن العقد لا يصح.
ويضيف الشافعية والحنابلة شرطا آخر وهو البلوغ.
فلا يصح عندهم عقد الصبي ولو كان مميزا.

.شروط صحة الإجارة:

ويشترط لصحة الاجارة الشروط الاتية:

.1- رضا العاقدين:

فلو أكره أحدهما على الاجارة، فإنها لا تصح لقول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}.

.2- معرفة المنفعة المعقود عليها معرفة تامة تمنع من المنازعة:

والمعرفة التي تمنع المنازعة تم بمشاهدة العين التي يراد استئجارها أو بوصفها إن انضبطت بالوصف، وبيان مدة الاجارة كشهر أو سنة أو أكثر أو أقل، وبيان العمل المطلوب.

.3- أن يكون المعقود عليه المقدور الاستيفاء حقيقة وشرعا:

فمن العلماء من اشترط هذا الشرط فرأى أنه لا يجوز إجارة المشاع من غير الشريك، وذلك لأن منفعة المشاع غير مقدورة الاستيفاء. وهذا مذهب أبي حنيفة وزفر. وقال جمهور الفقهاء: يجوز إجارة المشاع مطلقا من الشريك وغيره.
لأن للمشاع منفعة والتسليم ممكن بالتخلية أو المهايأة بالتهيؤ. كما يجوز ذلك في البيع. والاجارة أحد نوعي البيع. فإن لم تكن المنفعة معلومة كانت الاجارة فاسدة.

.4- القدرة على تسليم العين المستأجرة:

مع اشتمالها على المنفعة، فلا يصح تأجير دابة شاردة، ولا مغصوب لا يقدر على انتزاعه لعدم القدرة على التسليم. ولا أرض للزرع لا تنبت، أو دابة للحمل وهي زمنة: لعدم المنفعة التي هي موضوع العقد.

.5- أن تكون المنفعة مباحة لا محرمة ولا واجبة:

فلا تصح الاجارة على المعاصي، لأن المعصية يجب اجتنابها. فمن استأجر رجلا ليقتل رجلا ظلما أو رجلا ليحمل له الخمر أو أجر داره لمن يبيع بها الخمر أو ليلعب فيها القمار أو ليجعلها كنيسة فإنها تكون إجارة فاسدة.
وكذلك لا يحل حلوان الكاهن والعراف وهو ما يعطاه على كهانته وعرافته، إذ أنه عوض عن محرم وأكل لاموال الناس بالباطل. ولا تصح الاجارة على الصلاة والصوم، لأن هذه فرائض عينية يجب أداؤها على من فرضت عليه.

.الأجرة على الطاعات:

أما الاجرة على الطاعات فقد اختلف العلماء في حكمها، ونذكر بيان مذاهبهم فيما يلي: قالت الأحناف: الاجارة على الطاعات كاستئجار شخص آخر ليصلي أو يصوم أو يحج عنه أو يقرأ القرآن ويهدي ثوابه إليه أو يؤذن أو يؤم بالناس أو ما أشبه ذلك لا يجوز، ويحرم أخذ الاجرة عليه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به».
وقوله، صلى الله عليه وسلم، لعمرو بن العاص: وان اتخذت مؤذنا فلا تأخذ على الأذان أجرا ولان القربة متى حصلت وقعت عن العامل فلا يجوز أخذ الاجرة عليها من غيره، ومما هو شائع من ذلك في بلادنا المصرية الوصايا بالختمات والتسابيح بأجر معلوم ليهدي ثوابها إلى روح الموصي، وكل ذلك غير جائز شرعا، لأن القارئ إذا قرأ لاجل المال فلا ثواب له، فأي شيء يهديه إلى الميت؟...وقد نص الفقهاء على أن الاجرة المأخوذة في نظير عمل الطاعات حرام على الآخذ، ولكن المتأخرين منهم استثنوا من هذا الاصل تعليم القرآن والعلوم الشرعية، فأفتوا بجواز أخذ الاجرة عليه استحسانا، بعد أن انقطعت الصلات والعطايا التي كانت تجرى على هؤلاء المعلمين، في الصدر الأول، من الموسرين وبيت المال، دفعا للحرج والمشقة، لأنهم يحتاجون إلى ما به قوام حياتهم هم ومن يعولونهم...وفي اشتغالهم بالحصول عليه من زراعة أو تجارة أو صناعة إضاعة للقرآن الكريم والشرع الشريف بانقراض حملته، فجاز إعطاؤهم أجرا على هذا التعليم...وقالت الحنابلة: لا تصح الاجارة لاذان وإقامة وتعليم قرآن وفقه وحديث ونيابة في حج وقضاء، ولا يقع إلا قربة لفاعله ويحرم أخذ الاجرة عليه، وقالوا: ويجوز أخذ رزق من بيت المال أو من وقف على عمل يتعدى نفعه، كقضاء وتعليم قرآن وحديث وفقه ونيابة في حج وتحمل شهادة وأدائها وأذان ونحوها، لأنها من المصالح، وليس بعوض بل رزق للاعانة على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة ولا يقدح في الاخلاص، وإلا ما استحقت الغنائم وسلب القاتل...وذهبت المالكية والشافعية وابن حزم: إلى جواز أخذ الاجرة على تعليم القرآن والعلم لأنه استئجار لعمل معلوم ببذل معلوم.
قال ابن حزم: والاجارة جائزة على تعليم القرآن وعلى تعليم العلم مشاهرة وجملة، كل ذلك جائز وعلى الرقى وعلى نسخ المصاحف ونسخ كتب العلم لأنه لم يأت في النهي عن ذلك نص، بل قد جاءت الاباحة.
ويقوي هذا المذهب ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن نفرا من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، مروا بماء فيه لديغ أو سليم. فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، فإن في الماء رجلا لديغا أو سليما...فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله».
وكما اختلف الفقهاء في أخذ الاجرة على تلاوة القرآن وتعليمه، فقد اختلفوا أيضا في أخذ الاجرة على الحج والاذان والإمامة.
فقال أبو حنيفة وأحمد: لا يجوز ذلك جريا على أصله في عدم أخذ الاجرة على الطاعات.
وقال مالك: كما يجوز أخذ الاجرة على تعليم القرآن يجوز أخذها على الحج والأذان.
فأما الإمامة فإنه لا يجوز أخذ الاجرة عليها إن أفردها وحدها.
فإن جمعها مع الأذان جازت الاجرة، وكانت على الأذان والقيام بالمسجد لا على الصلاة.
وقال الشافعي: تجوز الاجرة على الحج ولا تجوز على الإمامة في صلاة الفرائض، ويجوز بالاتفاق الاستئجار على تعليم الحساب والخط واللغة والأدب والحديث وبناء المساجد والمدارس.
وعند الشافعية: تجوز الاجارة على غسل الميت وتلقينه ودفنه.
وأبو حنيفة قال: لا يجوز الاستئجار على غسل الميت، ويجوز على حفر القبور وحمل الجنائز.